2009-05-19

الحب والزواج .. الفطرة والمادة .. الوظيفة والوجدان


" عبد الوهاب المسيري "هذا الرجل .. ليس عاديا
أو على الأقل .. غير تقليديا .. غير نمطيا
اقرأ/ي .. هذا الجزء .. الذي نقلته بتصرف من كتابه "رحلتي الفكرية في البذور الجذور والثمر" ..
في النهاية قمت بتدوين بعض الملاحظات البسيطة في الأسفل
...
" من أهم القصص في حياتي التي تلقي الضوء على الجانب التأملي في شخصيتي قصة زواجي من د/هدى
فحينما قابلتها لأول مرة حدث لي ما حدث - يقصد ارتباطه القلبي السريع بها - وكان لا بد من أن أتأمل فيه وأفهمه عقليا (1*) حتى يمكنني التعامل معه ، وكنت حين ذاك عضو في الحزب الشيوعي المصري فطلبت النصح منم سئولي الحزبي ، فأخبرني أنها ( برجوازية ) والزواج من مثلها يسبب مشكلات كثيرة ، أي ان المسئول عني في الحزب طرح تصورا عقليا أيدلوجيا طبقيا للزواج (2*) ، وهداني وجداني ( وربما فطرتي السليمة (3*) ) إلى أن أذهب لأمي وأطلب منها النصح ( وهو أمر نادر للغاية لعلي لم أفعله من قبل ومن بعد ) فسألتني سؤالا بسيطا للغاية : هل يشعر قلبك بالفرح حينما يراها؟ .. لم أجب عن السؤال .. لكني أحسست وقتها أن أحمالا مادية طبقية سقطت عن وجداني وأن أغلال العقل والقلب بدأت تنفك وقررت الارتباط بالدكتورة هدى .

ولكن داء التأمل لم يكن يتركني لحظة بعد ارتباطي بالدكتورة هدى ، إذ بدأت اتساءل : اذا كان الحب الرومانسي يوجد خارج الزمان ولا يعرف التاريخ أو التدافع فكيف يمكن للمرء أن يتزوج ويدخل الزمان؟ (4*).. كيف يمكن لمنيحب بهذه الطريقة اللازمنية أن يترك من يحب ويذهب إلى عمله على سبيل المثال؟ ولكني تساءلت أيضا كيف يمكن للإنسان أن يتحمل مثل هذه العواطف المشبوبة بشكل يومي ؟ ( 5*) هل يتحمل جهازه العصبي مثل هذا العبء ؟

ولم يوقف عملية التفكير هذه إلا الزواج نفسه (6*) إذ اكتشفت ميلاد نوع جديد من الحب القادر على التعايش مع الزمان والتاريخ والمجتمع فالحب في الزواج يتسم بنوع من الاستمرار ، ساعتها بدأت أفهم مفاهيم مثل السكينة والمودة والألفة وبدات أعرف انها تشكل نوعا من العلاقة العميقة داخل الزمان ولكنها مختلفة عن الحب الرومانسي اللازمني ( ألأحظ أن أبناء هذا الجيل الذين يتبنون عن غير وعي الحب اللازمني - ما تتحدث عنه الاغاني وتفترضه كل الافلام وتروج له وسائل الاعلام - يصبحون غير قادرين على التعايش داخل مؤسسة الزواج ، فكل فرد متوجه بشكل حاد نحو السعادة الفردية ونحو اللذة مما يجعل التعايش مع الآخر داخل اطار واحد مسألة مستحيلة أو شبه مستحيلة (7*).

ومن خلال تأملاتي في تجاربي وتجارب الاخرين .. أصبح عندي مفهوم ورؤية للزواج .. فكنت دائما أخبر نفسي ان السعادة لا تهبط هكذا من السماء ، وانما هي مثل العمل الفني لابد للمرء أن يكد ويتعب في صياغته وصنعه ، والزواج مثل العمل الفني ايضا ومثل أي شئ انساني مركب يحتوي على امكانيات سلبية وايجابية ، فالحب الحقيقي هو ان يقبل الواحد الآخر ويعرف أن محاسنة مرتبطة تمام الارتباط بمثالبه"

انتهى كلامه.
.....

ملاحظات شخصية :

(1*) - حيث ان الزواج هو عملية انسانية مركية ، فكما استقر القلب على الاختيار لابد للعقل أن يأخذ مساحته في التفكير وتقييم الامور

(2*) - هذه الرؤية المادية الطبقية للزواج لا يتميز او ينفرد بها الشيوعيون عن غيرهم - وان كانت تفسيراتهم المادية هي اساس كل شئ .. ولكن هذاالنموذج شائع وبشكل كبير في المجتمعات التقليدية وبين الناس العاديين .. واحيانا بين الاسلاميين

(3*) - اتسمت رحلة الدكتور المسيري من ضيق المادية إلى رحاية الإيمان بالطول الزمني .. اذ استغرقت ما يقارب من 25 عاما:

(4*) - اي الانتقال بالحب ونعيمه من العالم الرومانسي المعزول عن بقية العالم إلى الواقع

(5*) - باعتبار ان مشاعر الحب - الارتباط بين الجنسين - من اسمى واعنف واقوى درجات المشاعر الانسانية .. وأشدها تأثيرا على الإنسان .. عصبا ولحما .. مادة وروحا

(6*) - وهذا مصداقا للحديث النبوي الشريف " لم أر للمتحابين مثل النكاح" باعتبار ان يضبطالعاطفة وينزلها مقامها الصحيح ويهدئ من لوعة النفس ولهفتها

( 7*) - وهو ده رأيي في اللي بتغنيه أليسا وشيرين ودياب وتامر وحماقي ونانسي ومعاهم النجم علي حسين

هناك تعليق واحد:

محمود سعيد يقول...

كل سنة وانت طيب
ولا تعليق لى إلا على الصورة الجميلة جداً ديه

جبتها منين :-)