2009-05-19

الوقوف وحيدا



تنقطع الحيل والأسباب بـ( إنسان ) ، وتقع روحه أسيرة الظلمات ( بعضها فوق بعض )، تختنق الدموع والكلمات ، لا يستطيع أن يجد سبيلا إلى إخراجها أو التنفيس عن بعض مكنون الصدر ، تشتد الظلامة ، يخفو بريق السعادة في عينيه ، يرجو محضنا يبث إليه همهوحزنه وضيقه وشكواه فلا يجد ، يأمل في الناس حسنا فلا يعود إلا صفر اليدين ، تزداد الدموعاختناقا وتراكما ، ويضيق الصدر ولا ينطلق اللسان ، تمر الساعة تلو الآخري واليوم يعقبه اليومفي انتظار الفرج القريب ، يحدث نفسه : اصبر فالأمل والألم صنوان لا يفترقانيتكتم ويعتم ويعمي على حاله بحسبان ان السكوت والاخفاء فضيلة ، يخشى من زلاتاللسان وهفواته ، وبلا تهويل تضيق الأرض عليه بما رحبت ، لكن تدبره في حال المحيطين يدفعه ويؤزهإلى السكوت والاحتمال مخافة أن يصيبهم كثير من الإحباط أو قليل ، عبثا يجاذب نفسهأطراف الحديث ، ولكن .. لا تزداد الدموع والمشاعر إلا اختناقا.


أحيانا .. كانت كلماته تموت على أعتاب شفتيه ، وأحيانا تصدر بلا وعيبخاف أن يجاوز حدود الأدب مع ربه ، وهذا هو مناط الابتلاء ( أتصبرون ، وكان ربك قديرا ) يبذلالجهد على قدر الوسع والاستطاعة ، يستعيذ من غمزات الشياطينوحضورهم ، فهذا هو مرتعهم الأول ، تتوارد الأفكار والخواطر ، ينازعها ، لكنمشاعر الهم والحزن لها الغلبة ... ولا تزداد الدموع والمشاعر إلا اختناقا


يقرأ في أدب الابتلاء ، وشمائل الصابرين ، ويردد ( إنما يوفى الصابرون أجرهمبغير حساب ) يقيس صبره على مقياس المجاهدين ، فيشعر بتأنيب الضميرفهو لم يبذل من جهد اللجوء إلى الله ومخاطبته إلا القليل القليل .


تمنى لو يصرخ ، أن ينفس عن شحنات الغضب والهم والحزن ، لكن تمتنع نفسه في اللحظات الأخيرة ، تحدثه : ليس هذا من شيم الرجال.


تزداد أفكاره تلاطما ، ودموعه اختناقا ، بزداد صدره ضيقا ، تحتبس الكلمات.


يرجوه .. يستغيثه .. يستصرخه : ربي وسعت كل شئ رحمة وعلماأنزل عليا الغيث ولا تجلعني من القانطين ، لا تحملني مالا طاقة لي بهإن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي .. تشتد المحنةبعد أن ظن قرب الفرج ، يبعد عن التمني ويسمك بتلابيب الرجاءولا تزداد الدموع والمشاعر إلا اختناقا.


يبكي كمدا وقهرا وغيظا وهما .. يريد أن يتحدث .. أن يتكلم .. أن يهتف لكن على أطراف اللسان تموت الكلمات أو يخونه التوفيق ويجانبه الحظ.

يستشعر بشاعة الوقوف وحيدا والسير منفردا .. يبلغ الهموالضيق به مبلغه .. يتمنى لو استطاع ان يبتغي نفقا في الأرضأو سلما في السماء .. تأتي الكلمات لتفيقه من غفلة.

(( ولنبلونكم حتى ننعلم المجاهدين منكم والصابرين))


ياااااا رب .. إن كان هذا بعضا من بلاءك فصبرني وقوني وارفعه عني وجازني عليه خيراواجزل لي العطاء فيه .


وإن كان هذا بعضا من عقابك ، فإني أشهدك أن لا طاقة لي به ، واستغفركمن ذنبي وأطلب عفوك فعافيك ورحمتك أوسع لي.


وأنت الغفور الرحيم التواب . . أتوب إليك يا رب .. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمرالدنيا والآخرة من أن يحل بي غضبك أو ينزل عليا سخطك .. لكالعتبى يا كريم حتى ترضى ولا حول ولا قوة لي إلا بك

ليست هناك تعليقات: