2009-06-25

مزيكا .. من العقد الفريد



إنما سمي الفريد فريدا .. لاختلافه عن غيره وتباينه عن أشقائه وتميزه عما سواه ، من هذه الفكرة جاز لنا تسمية هذه المزيكا .. بمزيكا فريدة ..

أنا قديم .. او انقطاعي عن العالم مدة أسبوع ومن قبلها شهور أبلاني وأبلى حالي ، لا أستمتع بعمل إلا إن استمعت إليه وشاهدته مرات ومرات ، أغوص فيه ، وأتمرغ في أوحال طينه حتى أتذوق حلاوته وجميل صنعه ... وألمس روح صانعه

من أسبوع استمعت لأغنية بعنوان ( ياطير ) اعتمدت في اللحن والتوزيع على اهازيج وترانيم الموالد الشعبية والأفراح في الصعيد .. في البداية لم أستستغ طريقة تركيب الكلام على اللحن وتركيب الاثنين على التوزيع .. بعد أن استمعت إلى الأغنية الثانية بعنوان ( وأنا في طريقي ) نبهتني رشاقة اللحن .. استمعت إلى كل الألبوم ( مرجيحة ) و ( غربة ) و ( شد الحزام ) و (احلم معايا ) بعد إضافة أصوات الكمانجات البديعة في خلفية الجيتار الالكتريك ثم ( فتح شبابيك عنيك ) مختوما بأغنية ( كنا واحنا صغار ) .

رسم جديد لم اعتده في الأغنية الهادفة أو حتى الهابطة .. التنويع والمزج بين الآلات الشرقية والغربية بهذه البساطة دون ان تخرج الأغنية مشوهة أو يكون التوزيع متكلفا في إبداعه .. الأغنية التي لم أستسغها ( يا طير ) بعد أن استمعت إليها 20 مرة أجبرتني على عشقها ..

الملتزمون - إن أردنا إطلاق التوصيف - أو متذوقو القن الصاعد أو الهادف ، اعتادوا في سماعه على ترانيم الصوفية التي تتغنى بالحب الإلهي ، أو أغاني الحشد للقضايا العربية و الإسلامية وعلى وجه الخصوص ما اتصل منها بالشأن السياسي مثل فلسطين والعراق .. وأما أضعف الإيمان فقد كانت هناك ألبومات المناسبات الاجتماعية ( زواج - مولود - رمضان - حج - الخ ) .

ولعقود .. امتنع ( الملتزمون ) عن التطرق لمواضيع معينة في غناءهم وإنشادهم .. بل امتنعوا عن جميل استخدام الآلة الموسيقية ظنا بحرمتها وشيطانيتها .. أدى هذا إلى كثير من التأخر كثير جدا .. نرجو الله ألا تطول مدة تصحيح الأفهام .

ان هناك إحجاما عن مناقشة الواقع العام وتفضيل مناقشة ( الهم ) الخاص للإسلاميين في فنهم .. نتيجة لهذا انتحصر هذا الفن .. وانغلق على ذاته .. وتجاهل طلب المجتمع .

ما هذا .. فهو نهج مختلف .. ورسم خاص .. هو غناء لعموم الإنسان .. ولخصوص مريدي الحضارة لا نتحدث عن حضارة إسلامية او مسيحية .. بل هي حضارة إنسانية .. وفقط .

ملاحظة - من المعلوم أن كل ما هو إنساني فهو إسلامي بالضرورة والفرض أيضا .. كثيرا ما ظلم الفن وتابعه الجمال باسم ما اصطلح الناس على تسميته فنا أقصد ألبومات مدعي الفن - من غير ذكر أسماء ومش على سبيل المثال .. هيفا ورفيقاتها وتامر وأصحابه .

الفن بمفهومه يتجاوز مجرد الصوت الجميل واللحن المطرب والآلات ( المهشتكة ) يتجاوز - على الرغم من إعجابي بصوته - كلام دياب الذي يريد أن يقوله لحبيبته ( نقول ايه حبيبي خلاص ) .. ويتجاوز حب أليسا لحبيبها الديجيتال وكرهها الأنالوج له ( من كتر حبي فيك خلاص أنا قربت أكرهك ) .. في أغلبها دوائر عدمية غير منتهية .. لا تلتقي فيها خيوط التراث والذاكرة مع محركات الدفع للمستقبل .. هي تبقيك في مكانك ( محلك سر ) حب افتراضي .. و هجران أشد وقعا على المرء من وقع هزيمة مصر قدام أمريكا .. دوائر دوائر .. تصبيك بالغثيان والقرف في نهاية المطاف . طبعا دون ذكر ( السفالة وقلة الأدب ) التي أصبح يتغنى بها كثيرا من مدعي الفن .

لا أهاجم الغناء من أجل الحب .. لا أقصد حب بابا وماما وحب الله والوطن .. ولكن أقصد الحب بين الجنسين .. بل بالعكس .. هي عاطفة أودعها الله في مضغة كلا الجنسين ، حينها يصبح من الجميل أن يتغنى الناس بها .. ألم يستفتح شاعر الرسول زهير بن أبي سلمى قصيدته للنبي عليه الصلاة والسلام ببيت من الشعر العاطفي :

" بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيم إثرها لم يفد مكبول "

- ملاحظة - طبعا الرسول وقتها ما قالوش قوم يا فاسق

هذا النوع من الغناء والتغني مطلوب .. ولكن ما هي الملامح ؟ .. كما يقول علاماتنا المسيري : حبا يتعايش مع الزمان والمكان هذا المطلوب في ظني - الفسفس - على رأي عمي .. غناء عاطفي يتحدث عن هذه الحاجات ( العيب ) بين عمو وطنط ولكن .. في إطاره : غير عدمي .. دافع .. بنّاء قادر على التعايش مع الزمان والمكان .. لا يزيح القيام المطلقة ليقيم صرح اللذة والأنانية وينقض غيره .

عودا إلى مرجوعنا .. إلى عقدنا الفريد من الغناء .. ألبوم احلم معايا للـ( الفنان ) المصري حمزة نمرة .. لم اكن استظرف هذه الكلمة ( احلم معايا ) في البداية ... لكن الألبوم سيأخذك ويحلق بك إلى آفاق ربما لا تكون جديدة في معظمها .. لكنها آفاق طمست معالمها التربية التي نتلقاها في الشارع والبيت ومن بابا وماما - مش قصدي على البابا بتاع الأنا ولا الماما بتاعة الأنا ..

البراءة .. الرغبة في تحقيق الحلم .. تناول معول البناء .. الاندفاع غلى المسقبل لتحقيق حلم الطفولة المقموع .. الحنين إلى بساطة الحياة وسط زحام المادة يخضوض الألبوم بك غمار بحار فلسفة الحياة وحنين أيامها والرغبة في النهضة والبناء ..

ما تيللا بينا انت واياه .. ونستعين ع الشقا بالله
واهو اللي في القسمة نلقاه .. واللي ما يجيش إن شا الله ماجا
مدام بنلقى عيش وغموس يهمك ايه تفضل موحوس

- من أغنية شد الحزام


و

حنّي بالشحم ايدك .. عملك يصبح وليدك
ولا غيرك يبقى سيدك .. وتزيد القوة فيك
أول ما يدور مكنّا .. نحفظ ونصون مكاننا
والحلم هيبقى جنة .. ونكون في الكون شريك

- من أغنية فتح شبابيك عنيك


و
وياااه .. وبتحلى بيها دنيتنا .. تاخدنا لفوق وبتسعنا
تلملمنا صديق وصديق .. ترجع حلم قلب برئ
تقول غنوة تلم الريق وترجع بيها أحلامنا
واااه .. لما السنين بتعدي .. وتسرق منا أحلامنا
واااه .. دي بتجري ما تهدي .. تضيع ملامحنا وكلامنا

- من أغنية مرجيحة


طبعا هذا كله مخلوط بمزيج بياني وساحر من الكمانجات الساحرة والجيتار الاكلتريك والآلات الشرقية .. وخصوصا الإبداع فوق الرائع في استخدام العود والناي والقانون

...

إن كنت فهيم/ــة .. ستشعر/ي بان حجمك يتضاءل ويتقلص عودا إلى حلم الطفولة القديم .. ثم يصّاعد بك حلمك ليضعك فوق الجبال الأعالي

ويكلل رأسك بتاج العزيمة والإصرار والحب .. متوجا بجوهرة الحنين .. ليس الحنين إلى الدار القديمة أو المدرسة فقط .. ولكن الحنين إلى معنى الطفولة في إطلاقه .. ومعنى الاشتياق في إطلاقه .. سواء كان المشتاق إليه أبا أو أما أو أخا أو حبيبة أو مكانا .. أو زمانا إنه فن العقد الفريد الذي جدده صانع الألبوم .. صدقوني .. في هذا االألبوم يتصل تراث الماضي بالحاضر .. ويولد خيالات للمستقبل ..

حمزة نمرة .. شكرا لك على فنك الحقيقي .. الماكث في الأرض .. النافع للناس

2009-05-20

سيرة ذاتية جدا : بلاهدف .. بحثا عن الفكرة

من 10 دقائق أو يزيدون .. أديت صلاة الفجر ..
لا يزال ينتظرني الكثير من العمل على ( الكمبيوتر الدفتري ) الشهير باللاب توب ، أكثر من 15 ساعة متواصلة .. تخللتها الكثيييير من الأوقات المستقطعة .. للطعام أو شرب الشاي أو الصلاة ، أو التفكر في القليل من الواقع .. والكثير من الميتافيزيقا ، لست أدري بالتحديد أين يوجد مركز توليد الأفكار في المخ ، محور الأفكار المركزي لدى الإنسان .. أين يبدأ واين ينتهي ؟
.حتى لا تصاب/ ـي بالملل أو السخط ، سأخبرك أني لا أنتظر تعليقا أو تفاعلا منك عزيز القارئ غير المتلهف ولو شعرت أن ما أكتبه هو من قبيل التخريف أو الهرطقة أو ( مخاوية غير مركزية الأطراف ) أرجوك .. وقتك أثمن مما تظن .. قم فمارس عملا مفيدا .. أفضل من جلستك هذه وأنت تقرأ كلام سخيف خاوي المعنى والمضمون والقيمة.
لماذا أكتب هذا .. لست أدري
ربما أعرفه إني في لحظة تذكرت آمالي ، وأصابني الخوف من أن يقصر الأجل فلا يطاول الأمل ، أو أن يقل الجهد فيعجز عن الطلب ........... حد فاهم حاجة ؟
ما الذي ذكرني .. لست أدري
ربما يكون سماعي للموسيقى التصويرية لفيلم ( آلام المسيح ) .. هذه الموسيقى بالذات أشعر عند سماعها بهبوط شديد في الدورة الدموية ، يليه إرتفاع أشد في إفراز الأدرينالين في الجسم ثم بعد ذلك تنتابني رغبة شديدة في البكاء بشكل هستيري ، يرحل كل هذا ولا يبقى إلا العزم على العمل المتواصل من أجل النجاح.
ولكن .. هل يا ترى .. فيه واحد مزيكتاوي نضيف في عالمنا العربي زي جون دبني ؟
عزيزي القارئ غير المتهلف ( غالبا انت بتسب لي دلوقتي ) .. هل تتذكر أحلامك الطفولية ؟
عندما كانت تروادك رغبة في أن تكون ( ماهر ) وقاعد فوق دماغ مازنجر .. وبجوارك الحسناء أفروديت ، أو عندما كنت تنزوي بنفسك في ركن قصي من البيت وتتخيل نفسك أدهم صبري في مواجهته المليون مع سونيا جراهام بكل خبثها ومكرها وجمالها ، أنت الآن في مواجهة عشرة من الأقوياء الأشداء ، إلا أن هذا لا يحرك شعرة واحدة في رأسك ، وفي جزء على جزء من الثانية انطلقت يدك لتحطم فك الأول ، وقدمك لتغوص في معدة الثاني ثم قمت بالدوران بشكل بهلواني لتهوي بقبضتك فتحطم عنق الثالث ، وبشكل تلقائي يتهاوي الرجال الثمانية الباقيين خوفا وهلعا منك ، و فجأة يتوقف هذا المشهد البانورامي على إثر النظرات التي أمسكت بك في وضع غير لائق من قبل أمك أو أبوك أو أختك الكبيرة أو أي حد مالوش لازمة .
أتذكر أحلامك عندما ازدادت رشدا ، فكنت دائما ما تغلق على نفسك باب غرفتك وتمسك بالورقة والقلم .. وتبدأ في تسطير فرماناتك واجبة التنفيذ ، كيف لا وأنت الآن خليفة المسلمين ( ده وانت في اودتك طبعا ) أنت الآن الآمر المطاع .. سليل المجد والحسب .. القائم بأمر الله وعلى أمر الله ... مولانا فلان بن فلان الناصري .أتتذكر ؟؟ كثيرا ما سألت نفسك : لماذا الناصري بالذات ؟ .. ربما لكون الاسم بعيد عن أسماء البطون المعروفة لك وقتها ، فلا هو شلبي ( يعني شاب مظبط نفسه ) ولا هو قطان ( مش عارف معنى قطان الصراحة بس ده اسم عيلة الحاجة والدتي ) بمعنى أنك إذا اتخدته لقبا تعريفيا لدولتك مترامية الأطراف بشكل غبي ( كانت حدودها تمتد من أقاصي شرق الصين وحتى بحر الظلمات أو زي ما بيسموه دلوقتي المحيط الأطلسي ، ومن وسط أفريقيا جنوبا وحتى جبال الألب في فرنسا شمالا ) لن يستطيع أحد أن ينازعك الاسم أو اللقب .. الدولة الناصرية .. اسم له ايقاع قوي ومهيب وبسيط في ذات الوقت ، بعد ذلك اكتشفت ان هذا الاسم قد عاف الزمن على استخدامه ولعل ولعك به كان يرتبط بحبك للخليفة عبد الرحمن الناصر في الأندلس.
ازدادت أحلامك رشدا .. وارتديت زي المدنية الحديثة ، فلا الخلافة وقتها ولا الدولة آوانها .. تبخرت أحلام الهند والصين وموزمبيق ، واكتفيت بوطنك ، أن تكون رئيسا لمصر ، فكرة تستهويك حقا ، عرفت عن الأحزاب أكثر من 20 حزبا .. وكما أن كل الطرق تؤدي إلى روما .. فكل الأحزاب تؤدي إلى قصر الرئاسة ، ما أسهل أن تلتحق بكلية ( السياسة والعلوم الاقتصادية ) .. أرجوك لا تقل ( سياسة واقتصاد ) ثم تتبع ذلك ببطاقة عضوية في أي حزب معارض ( عمل .. وفد ..الخ ) إلا الإخوان ابعد عن ( المحظور ) وغنيله ، وعندما يحين الوقت ، هووووب ، تجد نفسك في العروبة .. مستلهما رؤية ابن الخطاب في الحكم الرشيد .. ايضا ستلغي وزارة الإعلام .. فهي أحد مظاهر الدولة الشمولية.
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .. لا تذكر بالتحديد لماذا أصاب هذا الحلم الانقطاع ، لكنك تذكر كيف استبد بك اليأس .. فلجأت إلى النكتة المميتة ، أمسكت الورقة و القلم أيضا ، وبدأت في خط هيكل لتنظيمك الجهادي الإرهابي العالمي ، الذي سيقلب المعادلة ويغير الموازين ، أنشت تنظيما متكاملا على نصف ورقة دفتر مدرسي ، أتذكر يوم أريتها لوالدك .. ارتسمت على وجهه تعبيرات الفزع ( الواد ده بيصاحب مين ؟؟ ) أخذها منك ، ولعله أخذها .. وحرقها .. ثم نسفها في اليم نسفا .. كيف لا .. فمن الممكن أن يجلب له هذا العبث الصبياني مصايب توديه هو ومراته وولاده وكل العيلة في ستين داهية.
أصبحت بعدها بلا معنى .. هنا .. لليسار در ، أفكار ماركس عن طبقة العمال الكادحة ، صحيح لم تتعمق في الفكر الاشتراكي ، لكن استهوتك فكرة ( الرأسمالية العفنة التي تقتات دماء الشعوب ) أصبحت ترى مظاهر هذه العفونة الرأسمالية في كل ما حولك ، فسيارة العائلة عفونة رأسمالية ، المشروبات الغازية ترف إمبريالي حقير ، أصبح تواضع الحاجة الوالدة في النفقات أمام الإنفاق العادي بتاع الحاج الوالد هو رمز لصراع قوى البشرية الكادحة ضد الرأسمالية التي تمتص عافية الشعوب ، كثيرا ما قمت ثائرا وخاطبا وواعظا ، أتذكر كم المشاكل التي أثرتها والسبب في هذا سؤال الحاجة الرتيب : عايزين تاكلوا ايه بكرة ؟؟
ثم بعدها خرجت من ظلمات الاشتراكية ... إلى المنطقة الوسط .. سأذكرها لك .. ولكن .. أنتهي أولا من العمل على ( الكمبيوتر الدفتري ) الشهير باللاب توب .. الذي أعمل عليه منذ 14 ساعة متواصلة.
وشكلهم مش هيخلصوا

2009-05-19

كيف تراجع المسلمون حضاريا 2/2


كتب : معتز عبد الفتاح - أكاديمي مصري بالولايات المتحدة ( نقلا عن جريدة الشروق )

يقف هذا المقال أمام محطتين أخريين ساهمتا بوضوح فى تراجع مكانة المسلمين لصالح غيرهم.

رابعا تراجع شرعية العدل، لصالح شرعية العسكر:
فى الفترة نفسها التى ثار فيها الجدل بين الغزالى وابن رشد (القرن الـ12)، كان العالم الإسلامى يواجه خطر الحروب الصليبية وفى أعقابها غزوات التتار. وكلاهما خطر تطلب عسكرة المجتمع بمعنى أن يعيش المسلمون لفترة طويلة من الزمن ــ ستمتد إلى يومنا هذا، مع استثناءات قليلة ــ فى حالة استعداد لمعركة عسكرية قادمة. ومن هنا كان حكم الأيوبيين ثم المماليك ومن بعدهم العثمانيون للقيام بوظيفتين أساسيتين: منع الفتن الداخلية من جهة وحماية دار الإسلام من الخطر الخارجى من جهة ثانية.

فلم يعد العلم الدنيوى والاجتهاد الشرعى إلا تابعين للوظيفة الأساسية وهى وظيفة درء الخطر الخارجى أساسا.

وفى هذه الأحوال يبحث الإنسان عن شرعية العسكرى القوى حتى وإن كان مخطئا جاهلا ظالما فاسدا وليس عن شرعية المدنى الضعيف حتى وإن كان مصيبا عالما عادلا نزيها. وحديثا قيل: «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة». فكان المنطق الأسلم هو القبول بما سمى فى الفقه بـ«أمراء الاستيلاء» أو سموا لاحقا بـ«أمراء التغلب» وانتهى الحال ببعض الفقهاء مثل الماوردى والجوينى (القرن الـ12) أن أعطوا لهؤلاء شرعية مستقلة عن شرعية الخليفة لأن سلاطين التغلب ينهضون بما نهض به الخلفاء قبلهم من حفظ الوحدة والدفاع عن دار الإسلام.

وهكذا بدلا من كون شروط الخليفة أو ولى الأمر تجعل منه حاكما عالما مجتهدا عادلا حرا عاقلا قادرا على القيام بالتكاليف الشرعية والاستنباطات الفقهية، حاملا للرأى المفضى إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح والكفاية الجسدية والقدرة على حماية البيضة وجهاد العدو ــ بدلا من كل هذه الشروط، تحول الأمر إلى «أصلح الله من أصبح» أى أصلح الله الحاكم الذى أصبح يحكمنا سواء وجدت فيه هذه الصفات أم لم توجد. وهو تطور خطير فبدلا من أن يزيد المسلمون من شروطهم فى من يلى أمورهم، أصبحوا يقبلون من يحكمهم بنفس منطق قبولهم لنزول المطر أو غيابه، أو حدوث الزلازل أو امتناعها. أقصى ما يستطيعون هو الدعاء: «اللهم ولِّ أمورنا خيارنا.» وهى نظرة تواكلية ما أتى بها الإسلام ولكن ابتكرها الفقهاء المسلمون فى عصور التخلف التى امتدت طويلا.

خامسا: تراجع الابتكارات والكشوف العلمية والتحول إلى مجتمع الدعة والسكون :
لم يكن لسيطرة المماليك على مصر والشام (لمدة 300 سنة تقريبا) أثر سلبى فى تراجع شرعية العدل والعلم لصالح شرعية التغلب والعسكر فقط، وإنما كان لها تأثير سلبى امتد طويلا بشأن تراجع الابتكارات والكشوف العلمية وتطبيقاتها على اعتبار أنهم أهل حرب وقتال، ولم يكونوا أهل علم وتفلسف. وهو ما جعلهم ينصرفون فى آخر عهدهم إلى ما أسماه ابن خلدون (القرن الـ15) فى تقسيمه الشهير لأطوار الدول ومراحلها بطور الدعة والسكون والذى تميل فيه الدولة إلى الاستكانة والرضا الزائف بما أنجزت والاعتداد بما كان من سابق حضارتها حتى ولو على حساب حاضر تحضرها ومستقبله.

وقد أصاب هذا المرض المسلمين فى الأندلس كذلك فى مراحل متفرقة لكن كان الخطر الغربى ضعيفا لأن ممالك الغرب كانت أضعف قدرة وأكثر فرقة. فانشغلت دولة المماليك فى المشرق العربى كثيرا بجباية الضرائب على الفلاحين والعمال والتجار فى الداخل فضلا عن الجمارك الباهظة المفروضة على تجارة أوروبا إلى الهند فى الخارج.

وكان جل هذه الأموال يستخدم للإنفاق على بذخ الحكام وليس لمصلحة العباد على نمط الآية الكريمة التى تقول: «وبئر معطلة وقصر مشيد» وهو ما لم يكن بعيدا عما آل إليه حال أمراء دويلات الأندلس فى نهاية القرن الخامس عشر، حيث كانوا أقرب إلى آية نزلت فى وصف اليهود «بأسهم بينهم شديد» يتصارعون فيما بينهم بالاستعانة بأعدائهم على نمط لا يبعدنا كثيرا عمن يتحالفون مع دول الغرب الآن ضد بنى جلدتهم.

وقد تجلى أثر سيادة نمط الدعة والسكون فى عام 1492 وهو العام الذى سقطت فيه غرناطة من المسلمين وهو نفس العام الذى اكتشف فيه الأسبان الأمريكتين. فى العام نفسه تتراجع حضارة وتتقدم حضارة حيث إن المسلمين فقدوا آخر ما امتلكوا لقرون سبعة فى الأندلس وضاعت منهم فرصة اكتشاف نصف الكرة الأرضية الذى أصبح مسيحيا (كاثوليكيا فى أمريكا اللاتينية، بروتستانتيا فى أمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزيلاندا).

وسأستطرد قليلا فى مناقشة كيف أفادت حضارة المسلمين فى تحضر أوروبا ولم ينجح أمراء المسلمين من الاستفادة من علماء المسلمين فى تلك الفترة. فقد كان الحلم الأكبر للأوروبيين أن يتجنبوا الضرائب الباهظة التى كانوا يدفعونها للمماليك نتيجة مرور تجارتهم عبر بلدان العرب آنذاك. فكان الأمل هو الوصول إلى الهند وجنوب آسيا دون الحاجة لأن يمروا عبر المنطقة العربية فكان الحل البرتغالى هو بالالتفاف حول أفريقيا فيما عرف تاريخيا بطريق رأس الرجاء الصالح، لكن الحل الذى اقترحه الإسبان هو الالتفاف حول الأرض نفسها تطبيقا لنظرية طالما قال بها علماء مسلمون من قبل وهى أن الأرض كروية يمكن الوصول إلى أى جزء منها بالدوران حولها إما شرقا أو غربا، جنوبا أو شمالا. وهكذا شكل الأمراء المماليك عقبة للغرب احتاجوا أن يتغلبوا عليها، وقدم العلماء المسلمون للغرب مفتاح الحل فى واحدة من أعقد مفارقات التاريخ.

وكأن أمراء المسلمين قدموا للغرب التحدى وقدم علماء المسلمين لهم مفتاح الاستجابة لهذا التحدى، لكن الأمراء المسلمين كانوا مشغولين بمصالحهم الشخصية وخلافاتهم عن السعى للاكتشاف والابتكار والإفادة من جهود هؤلاء العلماء.

وهكذا بنى الإسبان سفنا أكبر لاختبار المقولة التى طالما قال بها علماء مسلمون مثل أبو عبيد الله البكرى أول الجغرافيين المسلمين فى الأندلس والشريف الإدريسى وكذلك المقدسى والبيرونى الذين أكدوا على كروية الأرض، قياسا على الشمس والقمر ومن ثم حتمية اتصالها من جهاتها الأربع بالدوران فى أى اتجاه. وهكذا نجح كولومبس فى الوصول إلى العالم الجديد ظانا أنه وصل إلى الهند من جهتها الأخرى ويملأ عقله نظرية عربية المنشأ، بخرائط عربية الأصل (وضع معظمها الإدريسى)، مهتديا ببوصلة أتقن استخدامها المسلمون حتى وإن كان أول من اكتشفها الصينيون، ومعه عدد من البحارة العرب من بقايا أهل الأندلس يعينونه على اكتشاف العالم الجديد.

لقد سار الرجل ورفاقه فى الأرض ينظرون كيف بدأ الخلق فكان حقا على الله أن يكافئ المخلص فى سعيه من أى دين كان، فى الوقت الذى كان فيه حكام الممالك يهتمون بالتوافه من الأمور فى حالة من الدعة والسكون يعتمدون على ريع التجارة القادمة من الشرق إلى الغرب، فينتهى بهم الحال أن تتداعى دولتهم أمام أعينهم.

ولو كان هؤلاء بيننا لأقاموا المهرجانات الرياضية والحفلات الفنية وكأنها شغلهم الشاغل وتركوا خيرة علمائنا يرحلون عنا إلى بلاد الغرب يفيدون منهم ويتفاعلون معهم ونحن سعداء أن «الأهلى فى كل حتة عمال يجيب إجوال» أقاله الله من عثرته. وهكذا بدأنا منذ القرن السادس عشر ندخل عالما جديدا يكون فيه العلم موردا هاما من موارد الدولة وعنصرا أصيلا من عناصر قوتها. فدولة الجهل والجهال تضيع طاقتها وتبدد إمكاناتها، ودولة العلم والعلماء تستفيد من المبتكرات وتراكم عليها فيتقدم أهل العلم المجتمع والدولة ويتوارى السماسرة والأدعياء الذين يجدون فى الهزل ويهزلون فى الجد. بالعلم ارتفع أقوام وبالجهل انحط أقوام. وكنا للأسف ممن انحطوا جهلا ودعة وسكونا، ولم نزل فاعلين.

إذا نظرنا لهذه العوامل مجتمعة، فضلا عن محطات ثلاث الأخرى سنتناولها فى المقال القادم، يتبين أن بذور التخلف فى مجتمعاتنا لها نصيب عميق الجذور، ولكن الحل لن يتطلب مئات السنين، فنهضة المجتمعات المعاصرة كانت سريعة بفعل عوامل العصر الذى نعيشه، على نحو ما سنرى، المهم أن نفهم أصل الداء وبدائل العلاج، والله الموفق.

كيف تراجع المسلمون حضاريا 1/2


كتب : معتز عبد الفتاح ( أكاديمي مصري بالولايات المتحدة ) - نقلا عن جريدة الشروق

قد يكون من المفيد أن نعود إلى بعض المحطات التاريخية التى شهدت تراجع الحضارة الإسلامية عن مكانتها الرائدة التى شغلتها فى بداياتها. ودون الإغراق فى المقدمات فلننفذ إلى محطات ثلاث فى تاريخنا كان لكل منها أثرها الممتد حتى يومنا هذا، ثم سأعقبها بمحطات أربع أخرى فى مقال قادم عسى أن يكون التعرف على بعض جوانب الداء مقدمة للتعرف على الدواء. أولا: تراجع الخلافة وسيادة الملك العضوض.


أولا : تراجع نموذج عمر وسيادة نموذج معاوية:

لا شك أن منطق تداول الحكم على أساس من الوراثة عكس ما عمل له وعليه السابقون من الخلفاء كان نقطة التراجع الأولى فى دولة الإسلام بحكم أنها نقلت موقع آحاد الناس من فاعلين سياسيين يشاركون فى أمر الحكم عن طريق البيعة من ناحية والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من ناحية إلى أخرى إلى رعايا لهم الأمان ما أمن الحكام مكرهم. ومن هنا كانت المقولة الشائعة لمعاوية: «لا نحول بين الناس وألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا» وقد سارت منهجا التزمه اللاحقون. وقد انتزعت الدولة الأموية من الفقهاء المسلمين آنذاك السند الشرعى لطاعة ولى الأمر بغض النظر عن مدى شرعية وصوله للسلطة مادام يلتزم شكلا بقواعد الإسلام واحترامه لطقوسه مثل إقامة الصلاة والدعاء للخليفة على المنبر وتطبيق الحدود والتوسع فى جهاد الدفع ــ أى رد أعداء الدولة الإسلامية عنها ــ وجهاد الطلب ــ أى التوسع فى حدود الدولة الإسلامية.


وعلى الرغم من أن هذا التحول الخطير فى شكل نظام الدولة وأسس شرعية القائمين عليها فإن أخطر ما فيه أنه كان مقدمة لتحول فى علاقة الدولة بالمجتمع، فبدلا من منطق أن الحاكم خادم للمجتمع المسلم وموظف عام يقوم على شئونه باختيار المجتمع ورضاه، تحول المجتمع إلى تابع للدولة توجهه وتفرض عليه شروطها. فمن عمر الذى كان يقول: « إنما أرسل لكم الولاة خادمين ومعلمين» إلى معاوية الذى قال: «إن لم يكن هذا (أى ابنه يزيد) فهذا (أى السيف)». مات عمر، ويجلس على عروش الحكم تلاميذ معاوية، رضى الله عنهما.


ثانيا: تراجع العالم الناقد لصالح عالم التقية، تراجع منطق ابن حنبل وتقدم منطق ابن معين:

لقد كانت فتنة خلق القرآن الكريم أكثر كثيرا من مجرد اختلاف فلسفى بشأن هل القرآن الكريم مخلوق كرد فعل لحوادث الدنيا، وبالتالى كان من الممكن نظريا أن تتغير بعض آياته لو تصرف أبولهب على عكس ما تصرف مثلا أم أنه قديم قدم الدهر وكأن الله خلقه أصلا قبل خلق البشر ثم سير الأمور كى تستقيم مع القرآن الكريم.


أقول هذا النقاش الفلسفى نفسه كان يمكن أن يمر مرور الكرام كما مر غيره لكنه تحول إلى علامة فاصلة فى تاريخ المسلمين من زاويتين على الأقل: فهو أولا قد رسخ نمط السلطة القاهرة فى مواجهة عالم الدين المعارض.


فكان تعذيب ابن حنبل على يد ثلاثة من خلفاء العباسيين درسا وعاه معظم علماء الدين فى عصر الفتنة وممن أتوا بعدها. وصار فى الإسلام نمطان: نمط شجاعة ابن حنبل المعذب بسبب صلابته فى الدفاع عما رآه الحق، وتقية يحيى بن معين الذى قال إن القرآن مخلوق حتى يريح نفسه من العذاب مستندا إلى الآية الكريمة {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}.


ويبدو أن الكثير من علماء الدين قد أخذوا عن ابن معين منطقه ونسوا الرسالة الأولى لكل نبى وهو أن يجاهد بالكلمة مهما كلفه الأمر، لأنه قائد رأى عام فى مجتمعه وقدوة لمن يسيرون خلفه. وهذا هو ما فعله موسى النبى مع فرعون المستبد، بل فعله كل نبى مع كل جبار، بل هو ما فعله فلاسفة عصر النهضة فى أوروبا مع حكامهم المستبدين، وكان بعض هؤلاء الفلاسفة ملحدين، وهو ما حاوله حديثا نساك وعباد بورما حينما سار منهم عشرة آلاف حفاة فى الشوارع يقودون المجتمع وينشدون كلمة واحدة يكررونها بوعى وإصرار: «الديمقراطية... الديمقراطية». أما فى حياتنا الإسلامية المعاصرة، فتكون كلمة الحق عالية ضد صغائر المواطن متى أخطأ ولا تتخطاه إلى كبائر الحكام متى وقعوا فى الخطيئة. مات فى الكثير من علمائنا ابن حنبل.. ويحيا بيننا يحيى بن معين.


ثالثا تراجع العقل وازدهار النقل، تراجع منهج ابن رشد وازدهار منهج الغزالى:

وقد كان لمحنة خلق القرآن مع غيرها من التفاعلات الأخرى أثر آخر امتد طويلا حتى يومنا هذا. هذا الأثر نلمحه فى غلبة النص دون اجتهاد فى فهمه وتطبيقه على بعض مذاهبنا الفقهية، والتى جعلت الكثرة الغالبة تخشى الذهاب بعيدا عن الاجتهادات الفقهية التى خلفها الأقدمون. فترتب على ذلك نوع من المبالغة فى تقدير النص والخوف من العقل المفضى إلى الفتنة بما أخذنا بعيدا عن التوازن المنطقى..


فتأخرنا فى كثير من ابتكاراتنا بل وفى قبول الكثير من المبتكرات التى جاءت إلينا من الأمم الأخرى. وبما أن العقل البشرى قد أفضى للتفكير فى هذه القضايا من قبيل القرآن قديم أم مخلوق فضلا عن ترجمة عشرات الكتابات من الفلسفة اليونانية القديمة وما ترتب على ذلك من طرح أسئلة لم يكن من السهل التفكير فيها من قبل العقل المسلم آنذاك فقد ساوى بعض الفقهاء بين الفلسفة والزندقة وكان الحل ذا شقين: الأول مزيد من التمسك بالأقوال المنسوبة للرسول (ص) والصحابة العظام والتابعين، ثم من ناحية أخرى ما عرف بغلق باب الاجتهاد. فعلى مستوى التمسك بالنصوص المنسوبة للرسول (ص) وصحابته تبين لنا لاحقا أن الأغلبية الساحقة من هذا الأقوال ليست بأحاديث تنسب للرسول الكريم. فمثلا يروى أن الحسن البصرى قد حفظ 600 ألف حديث، كما قيل إن الإمام أحمد كان يحفظ ألف ألف (أى مليون) حديث ولكنه وضع فى مسنده أربعين ألفا فقط، تكرر منها عشرة آلاف حديث فى حين أننا نعرف الآن أن عدد الأحاديث التى يصح نسبتها للرسول (ص) وفقا للمحدث المعاصر الشهير ناصر الدين الألبانى لا تزيد على ثمانية آلاف. أى إن العقل المسلم كان يسير لمدة طويلة من الزمن ومعه آلاف الأحاديث ظانا أنها تنسب للرسول الكريم، ثم تبين لنا أنها ليست كذلك؛ فتخيل معى أنك تسير فى الشارع وعلى ظهرك مئات الكتب التى لا ينفعك منها إلا كتاب أو كتابان وأنت تظن خطأ أنها كلها مفيدة. وقد كان لهذا الكم المهول من الأحاديث المكذوبة دورها فى تشويش العقل المسلم. وعلى هذا النهج كان الخلاف الشهير بين أبى حامد الغزالى الموصوف بـ«حجة الإسلام» وهو بالفعل عالم كبير، وبين واحد من رواد الفلسفة الغربية المسلم ابن رشد، الذى وجدت اسمه فى العديد من الكتابات الغربية الكلاسيكية باعتباره من دعاة العقل والتنوير، وسببا من أسباب ازدهار الحضارة الغربية لمنهجه فى الاستدلال القائم على احترام العقل دون التصادم مع النقل.


وقد كان وجود ابن رشد، حتى وإن كان تأثيره ضعيفا، مهما لتحريك المياه الراكدة. ولكن لما مات جسدا، وأمتناه فكرا، فقد ضاع التوازن بين العقل والنقل. وغلب منطق أبى حامد الغزالى الذى ضمن فى كتبه آلاف الأحاديث التى عرفنا لاحقا أنها ضعيفة أو لا أصل لها. وساد عند كثيرين أن العقل «هوى» وأن النص مهما ضعف سنده، أفضل مما ينتجه العقل البشرى. وأصبح ابن رشد ومدرسته بمثابة الشياطين والمارقين من الدين، وهو الموقف الذى ساد لدى شرائح المجتمع غير المثقفة حتى يومنا هذا. فيهتم العامة بحواديت وحكايات الدعاة عن الماضى التى لا نعرف مدى صحتها أكثر من اهتمامهم بأى حديث دينى أو فلسفى أو علمى جاد عن قضية من قضايا مجتمعنا المعاصر، فأصبحنا أمام ظاهرة المسلم الفخور بإسلامه الجاهل به وبواقعه. وللحديث بقية إن شاء الله.

الوقوف وحيدا



تنقطع الحيل والأسباب بـ( إنسان ) ، وتقع روحه أسيرة الظلمات ( بعضها فوق بعض )، تختنق الدموع والكلمات ، لا يستطيع أن يجد سبيلا إلى إخراجها أو التنفيس عن بعض مكنون الصدر ، تشتد الظلامة ، يخفو بريق السعادة في عينيه ، يرجو محضنا يبث إليه همهوحزنه وضيقه وشكواه فلا يجد ، يأمل في الناس حسنا فلا يعود إلا صفر اليدين ، تزداد الدموعاختناقا وتراكما ، ويضيق الصدر ولا ينطلق اللسان ، تمر الساعة تلو الآخري واليوم يعقبه اليومفي انتظار الفرج القريب ، يحدث نفسه : اصبر فالأمل والألم صنوان لا يفترقانيتكتم ويعتم ويعمي على حاله بحسبان ان السكوت والاخفاء فضيلة ، يخشى من زلاتاللسان وهفواته ، وبلا تهويل تضيق الأرض عليه بما رحبت ، لكن تدبره في حال المحيطين يدفعه ويؤزهإلى السكوت والاحتمال مخافة أن يصيبهم كثير من الإحباط أو قليل ، عبثا يجاذب نفسهأطراف الحديث ، ولكن .. لا تزداد الدموع والمشاعر إلا اختناقا.


أحيانا .. كانت كلماته تموت على أعتاب شفتيه ، وأحيانا تصدر بلا وعيبخاف أن يجاوز حدود الأدب مع ربه ، وهذا هو مناط الابتلاء ( أتصبرون ، وكان ربك قديرا ) يبذلالجهد على قدر الوسع والاستطاعة ، يستعيذ من غمزات الشياطينوحضورهم ، فهذا هو مرتعهم الأول ، تتوارد الأفكار والخواطر ، ينازعها ، لكنمشاعر الهم والحزن لها الغلبة ... ولا تزداد الدموع والمشاعر إلا اختناقا


يقرأ في أدب الابتلاء ، وشمائل الصابرين ، ويردد ( إنما يوفى الصابرون أجرهمبغير حساب ) يقيس صبره على مقياس المجاهدين ، فيشعر بتأنيب الضميرفهو لم يبذل من جهد اللجوء إلى الله ومخاطبته إلا القليل القليل .


تمنى لو يصرخ ، أن ينفس عن شحنات الغضب والهم والحزن ، لكن تمتنع نفسه في اللحظات الأخيرة ، تحدثه : ليس هذا من شيم الرجال.


تزداد أفكاره تلاطما ، ودموعه اختناقا ، بزداد صدره ضيقا ، تحتبس الكلمات.


يرجوه .. يستغيثه .. يستصرخه : ربي وسعت كل شئ رحمة وعلماأنزل عليا الغيث ولا تجلعني من القانطين ، لا تحملني مالا طاقة لي بهإن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي .. تشتد المحنةبعد أن ظن قرب الفرج ، يبعد عن التمني ويسمك بتلابيب الرجاءولا تزداد الدموع والمشاعر إلا اختناقا.


يبكي كمدا وقهرا وغيظا وهما .. يريد أن يتحدث .. أن يتكلم .. أن يهتف لكن على أطراف اللسان تموت الكلمات أو يخونه التوفيق ويجانبه الحظ.

يستشعر بشاعة الوقوف وحيدا والسير منفردا .. يبلغ الهموالضيق به مبلغه .. يتمنى لو استطاع ان يبتغي نفقا في الأرضأو سلما في السماء .. تأتي الكلمات لتفيقه من غفلة.

(( ولنبلونكم حتى ننعلم المجاهدين منكم والصابرين))


ياااااا رب .. إن كان هذا بعضا من بلاءك فصبرني وقوني وارفعه عني وجازني عليه خيراواجزل لي العطاء فيه .


وإن كان هذا بعضا من عقابك ، فإني أشهدك أن لا طاقة لي به ، واستغفركمن ذنبي وأطلب عفوك فعافيك ورحمتك أوسع لي.


وأنت الغفور الرحيم التواب . . أتوب إليك يا رب .. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمرالدنيا والآخرة من أن يحل بي غضبك أو ينزل عليا سخطك .. لكالعتبى يا كريم حتى ترضى ولا حول ولا قوة لي إلا بك

الحب والزواج .. الفطرة والمادة .. الوظيفة والوجدان


" عبد الوهاب المسيري "هذا الرجل .. ليس عاديا
أو على الأقل .. غير تقليديا .. غير نمطيا
اقرأ/ي .. هذا الجزء .. الذي نقلته بتصرف من كتابه "رحلتي الفكرية في البذور الجذور والثمر" ..
في النهاية قمت بتدوين بعض الملاحظات البسيطة في الأسفل
...
" من أهم القصص في حياتي التي تلقي الضوء على الجانب التأملي في شخصيتي قصة زواجي من د/هدى
فحينما قابلتها لأول مرة حدث لي ما حدث - يقصد ارتباطه القلبي السريع بها - وكان لا بد من أن أتأمل فيه وأفهمه عقليا (1*) حتى يمكنني التعامل معه ، وكنت حين ذاك عضو في الحزب الشيوعي المصري فطلبت النصح منم سئولي الحزبي ، فأخبرني أنها ( برجوازية ) والزواج من مثلها يسبب مشكلات كثيرة ، أي ان المسئول عني في الحزب طرح تصورا عقليا أيدلوجيا طبقيا للزواج (2*) ، وهداني وجداني ( وربما فطرتي السليمة (3*) ) إلى أن أذهب لأمي وأطلب منها النصح ( وهو أمر نادر للغاية لعلي لم أفعله من قبل ومن بعد ) فسألتني سؤالا بسيطا للغاية : هل يشعر قلبك بالفرح حينما يراها؟ .. لم أجب عن السؤال .. لكني أحسست وقتها أن أحمالا مادية طبقية سقطت عن وجداني وأن أغلال العقل والقلب بدأت تنفك وقررت الارتباط بالدكتورة هدى .

ولكن داء التأمل لم يكن يتركني لحظة بعد ارتباطي بالدكتورة هدى ، إذ بدأت اتساءل : اذا كان الحب الرومانسي يوجد خارج الزمان ولا يعرف التاريخ أو التدافع فكيف يمكن للمرء أن يتزوج ويدخل الزمان؟ (4*).. كيف يمكن لمنيحب بهذه الطريقة اللازمنية أن يترك من يحب ويذهب إلى عمله على سبيل المثال؟ ولكني تساءلت أيضا كيف يمكن للإنسان أن يتحمل مثل هذه العواطف المشبوبة بشكل يومي ؟ ( 5*) هل يتحمل جهازه العصبي مثل هذا العبء ؟

ولم يوقف عملية التفكير هذه إلا الزواج نفسه (6*) إذ اكتشفت ميلاد نوع جديد من الحب القادر على التعايش مع الزمان والتاريخ والمجتمع فالحب في الزواج يتسم بنوع من الاستمرار ، ساعتها بدأت أفهم مفاهيم مثل السكينة والمودة والألفة وبدات أعرف انها تشكل نوعا من العلاقة العميقة داخل الزمان ولكنها مختلفة عن الحب الرومانسي اللازمني ( ألأحظ أن أبناء هذا الجيل الذين يتبنون عن غير وعي الحب اللازمني - ما تتحدث عنه الاغاني وتفترضه كل الافلام وتروج له وسائل الاعلام - يصبحون غير قادرين على التعايش داخل مؤسسة الزواج ، فكل فرد متوجه بشكل حاد نحو السعادة الفردية ونحو اللذة مما يجعل التعايش مع الآخر داخل اطار واحد مسألة مستحيلة أو شبه مستحيلة (7*).

ومن خلال تأملاتي في تجاربي وتجارب الاخرين .. أصبح عندي مفهوم ورؤية للزواج .. فكنت دائما أخبر نفسي ان السعادة لا تهبط هكذا من السماء ، وانما هي مثل العمل الفني لابد للمرء أن يكد ويتعب في صياغته وصنعه ، والزواج مثل العمل الفني ايضا ومثل أي شئ انساني مركب يحتوي على امكانيات سلبية وايجابية ، فالحب الحقيقي هو ان يقبل الواحد الآخر ويعرف أن محاسنة مرتبطة تمام الارتباط بمثالبه"

انتهى كلامه.
.....

ملاحظات شخصية :

(1*) - حيث ان الزواج هو عملية انسانية مركية ، فكما استقر القلب على الاختيار لابد للعقل أن يأخذ مساحته في التفكير وتقييم الامور

(2*) - هذه الرؤية المادية الطبقية للزواج لا يتميز او ينفرد بها الشيوعيون عن غيرهم - وان كانت تفسيراتهم المادية هي اساس كل شئ .. ولكن هذاالنموذج شائع وبشكل كبير في المجتمعات التقليدية وبين الناس العاديين .. واحيانا بين الاسلاميين

(3*) - اتسمت رحلة الدكتور المسيري من ضيق المادية إلى رحاية الإيمان بالطول الزمني .. اذ استغرقت ما يقارب من 25 عاما:

(4*) - اي الانتقال بالحب ونعيمه من العالم الرومانسي المعزول عن بقية العالم إلى الواقع

(5*) - باعتبار ان مشاعر الحب - الارتباط بين الجنسين - من اسمى واعنف واقوى درجات المشاعر الانسانية .. وأشدها تأثيرا على الإنسان .. عصبا ولحما .. مادة وروحا

(6*) - وهذا مصداقا للحديث النبوي الشريف " لم أر للمتحابين مثل النكاح" باعتبار ان يضبطالعاطفة وينزلها مقامها الصحيح ويهدئ من لوعة النفس ولهفتها

( 7*) - وهو ده رأيي في اللي بتغنيه أليسا وشيرين ودياب وتامر وحماقي ونانسي ومعاهم النجم علي حسين

مطلوب سكرتيرة حسناء



كتب / يسري فودة - نقلا عن اليوم السابع

دعك من شرط الحلاوة، فمجرد أن تحدد فى إعلانك أن المطلوب هو سكرتيرة (مؤنث لا مذكر) كفيل بأن يجرّك إلىمحكمة على أساس التفرقة بين الجنسين فى فرصة الحصول على عمل لا علاقة لنوع الجنس بالقيام به. آه، عفوا، نسيت أن أضيف هذه الجملة: إذا كنت فى بلد غير مصر.. إخوانى المصريين، اتحدوا، وتعالوا نولّعها.يا نهار أسود! هكذا كان لسان حالى عندما قرأت هذا الإعلان الذى نشرته الزميلة «المصرى اليوم» قبل أيام قليلة. قناة فضائية جديدة تعلن عن حاجتها إلى عدد غير محدد من المذيعين والمذيعات. فى البند الأول من الإعلان مطلوب مذيعة تحمل بطاقة عضوية نقابة الصحفيين، تتوافر فيها مجموعة من الشروط من أهمها: «السن لا يقل عن 27 سنة ولا يزيد عن 37 سنة. تتمتع بالوسامة والأناقة والجمال والرشاقة. الطول لا يقل عن 160 سنتيمترا ولا يزيد عن 172 سنتيمترا. الوزن لا يقل عن 60 كيلوجراما ولا يزيد عن 70 كيلوجراما متناسبا مع الطول.. بدون غطاء رأس».والله كنت أظن أنها نكتة يحاول من خلالها الزميل مجدى الجلاد أن يشرح لنا مشروع «عايز حقى». وقبل أن أتصل به كى أهنئه وأقول له: «جامدة فحت» خطر لى أن أتصل أولا بالمرجع القانونى الأستاذ نجاد البرعى. «يا يسرى بيه المساواة بين المرأة والرجل حق يكفله الدستور المصرى»، هكذا أثلج الأستاذ صدرى فى البداية. لماذا إذن يتم تخصيص عربة من أولها لآخرها فى قطار مترو الأنفاق حكرا على النساء من دون الرجال؟ «ما هو فيه واحد رفع قضية نيابة عن الرجالة والمحكمة الإدارية حكمت من كام يوم بتأييد قرار التخصيص». على أى أساس؟ «على أساس أن التكوين الجسمانى للمرأة فى مصر أضعف من التكوين الجسمانى للرجل».نعم؟!!! التكوين الجسمانى للمرأة فى مصر أضعف من التكوين الجسمانى للرجل؟!!! من امتى؟ طيب خلينا نوزن كل نساء مصر فى كفة ونوزن كل الرجالة فى كفة ثانية ونشوف مين اللى هيبطط مين. كامل احترامى لنساء مصر ولقضاة مصر ولكننى كنت أتمنى أن نسمى الأشياء بمسمياتها الحقيقية، فتأتى الحيثيات واضحة أن أساس الحكم هو انتشار ظاهرة التحرش الجنسى، فليس كل رجل ربنا أنعم عليه بقليل من الصحة يريد أن يفقأ عين المرأة التى بجواره، وليست كل امرأة ملظلظة تريد أن تفرم رجْل المسكين الذى بجوارها، ولسنا جميعا حيوانات كى تنحصر قيمتنا فى أوزاننا. وهو ما يعود بنا إلى ذلك الإعلان المصيبة، فتعالوا بنا نتوقف أمامه كلمة كلمة.أولا، «مطلوب مذيعة» يعتبر تمييزا مباشرا وفقا للقانون البريطانى الصادر عام 2000؛ لأنه حدد جنسا واستثنى آخر لعمل لا علاقة له بنوع الجنس. وقد يحاول المعلن أن يكون فهلويا فيطلب شخصا لتقديم برامج تليفزيونية بشرط أن يكون طوله 190 سنتيمترا؛ لأن احتمال أن يكون هذا الشخص رجلا أكبر بكثير من احتمال أن يكون امرأة. القانون البريطانى يدرك هذا التمييز غير المباشر ويحرّمه أيضا. خواجة؟ والله أنا لست خواجة لكننى من ألد أعداء السخرية السلبية التى تفسح المجال لأصحاب الجِبِلّة والعين الجامدة على حساب أصحاب الحق والحياء. تجارب الآخرين إذن نقطة انطلاق مفيدة لقلب الطاولة على أدمغة هؤلاء.ثانياً، «بطاقة عضوية نقابة الصحفيين» لا علاقة لها بالضرورة بطبيعة المهنة أو مستوى الأداء. نقابة الصحفيين هى جمعية أو اتحاد يهدف أساسا إلى حماية حقوق أعضائه مثلها مثل جمعية المزارعين الغلابة، قد يكون من بين أعضائها من لا يفهم الفارق بين البرتقال البلدى والبرتقال أبو صُرة. ومن ثم يمنع القانون اشتراط عضوية مثل هذه الجمعيات لأنها لا تعتبر «مؤهلا» علميا موضوعيا للحكم على الشخص ويؤدى اشتراطها إلى الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص. لو كان الأمر كذلك لصار 99 % من المذيعين والمذيعات فى الشارع.ثالثا، اشتراط أن «السن لا يقل عن 27 سنة ولا يزيد عن 37 سنة» يعتبر خرقا سافرا لحقوق الإنسان وتشريعات العمل على أساس أنه لا علاقة بالضرورة بين السن، صغُر أو كبُر، والقدرة على تقديم البرامج التليفزيونية (أو أى وظيفة أخرى). تبنت بريطانيا هذا القانون عام 2006، وكانت الدنمارك قد سبقتها إليه عام 2004، وأيرلندا عام 1998، وأستراليا عام 1977، والولايات المتحدة الأمريكية فى العشرينيات، وغيرها من دول العالم. من يجرؤ على اشتراط سن معينة فى هذه الدول يقع مباشرةً تحت طائلة القانون. بل إن هذا القانون يحرّم السؤال عن عدد سنوات الخبرة أو تاريخ الميلاد.رابعا، «تتمتع بالوسامة والأناقة والجمال والرشاقة. الطول لا يقل عن 160 سنتيمترا ولا يزيد عن 172 سنتيمترا. الوزن لا يقل عن 60 كيلوجراما ولا يزيد عن 70 كيلوجراما متناسبا مع الطول». يا عينى!! دا طالب رقاصة دا واللا إيه بالظبط؟ كلمة واحدة من هذا القبيل فى أى دولة محترمة كفيلة بأن تلقى بكاتبها إلى أنياب المجتمع كى يشرب من دمه. ومن هى هذه المرأة التى تقبل على نفسها أن تتوجه إلى لجنة اختبار تحت هذه الشروط كى تضع نفسها بين أيدى أناس يكون من «حقهم» أن تقوم بقياسها وفرزها وتقليبها يمين وشمال ومن تحت ومن فوق؟والأهم من هذا، ما علاقة هذه الشروط بمتطلبات عمل المذيعة؟ حتى هؤلاء الباحثون عن المتعة الجنسية السريعة لا «يحق» لهم أن يحددوا هذه المواصفات بهذه الدقة فى بائعة الهوى رغم أن لها علاقة مباشرة بطبيعة «الوظيفة» فى هذه الحالة. إنه فهم متخلف لوظيفة الإعلام يجرد المرأة من الاحترام ويرسخ صورة ذهنية بدائية تقصر دور المذيعة على مجرد أن تبدو «جميلة» وهى تحمل طاولة المشروبات إلى المشاهد الرجل بينما هو يختلس أثناء ذلك نظرة إلى مفاتنها. وأهم من ذلك أنه استغلال وقح للأزمة الاقتصادية فى مصر ونقص فرص العمل وحاجتنا جميعا إلى لقمة العيش، وهو ما قد يدفع البعض إلى أن يغمض عينيه ويرضى بالمتاح. خامسا، «بدون غطاء رأس». أهلا وسهلا! دخلنا فى فتنة طائفية. بغض النظر عن رأيك الشخصى فى مسألة الحجاب فى حد ذاتها ينبغى علينا جميعا أن ننتصر لمبدأ حرية الاختيار. وعندما نضيف إلى ذلك حقيقة أن الحجاب لا يمثل عثرة فى سبيل قيام المرأة بالعمل الإعلامى (بل إنه يزيده وقارا وجدية) ندرك أن القانون فى مصر يحتاج إلى أنياب. إننى لفخور بحالة الزميلة غادة الطويل التى جرّت القناة الخامسة إلى المحكمة عام 2002 بعدما حرمها التليفزيون المصرى من الظهور على الشاشة بسبب الحجاب. ورغم وقوف القضاء إلى جانبها بقيت سنوات طويلة ممنوعة من مزاولة عملها، وهى من أفضل النماذج الإعلامية فى مصر. لم ينفعها فى النهاية، مع بعض زميلاتها اللائى مررن بنفس التجربة، سوى إصرارها وإيمانها بقضيتها وتهديدها بتصعيد المسألة. اتقى المسئولون «شرها» وأعادوها أخيرا إلى الشاشة، وهو ما يثبت أن الحق لا يضيع إذا كان وراءه مطالب. هذه سابقة فى منتهى الأهمية.إيمانى أنا بالقضية التى أعرضها فى هذا المقال من القوة بحيث يدفعنى إلى الدعوة إلى حملة وطنية عامة تضع حدا لممارسات التمييز فى فرص العمل على أى أساسٍ كان، سواءٌ كانت له علاقة بنوع الجنس أو الدين أو المذهب أو السن أو طول القامة أو وزن الجسم أو درجة «الجمال» أو المظهر الخارجى أو الملبس، إلى آخره. ينبغى أن تكون للقانون أنياب تنال المخالفين سجنا وغرامة، وتحفظ ليس فقط حق الفرد المجتهد فى الحصول على ما يستحق، بل أيضا (وربما يكون هذا هو الأهم) حق المجتمع وحق مصر كلها فى أن تستفيد من طاقات أبنائها إلى أقصى حد ممكن، ولن يحدث هذا إلا عندما نضع الشخص المناسب فى المكان المناسب. غير ذلك هو ببساطة نوع آخر من أنواع الفساد ندفع جميعا ثمنه ويجنى ثماره الظالمون.وأخيرا اسمحوا لى أن أبدأ هذه الحملة بدعوة أى قارئة كريمة ترى أن لديها المؤهلات الموضوعية للعمل كمذيعة إلى أن تقدم طلبا باليد فى المقر الإدارى لهذه القناة الجديدة وعنوانه: 24 شارع حسين حجازى المتفرع من شارع قصر العينى، الدور السادس، فى أى وقت من العاشرة صباحا حتى العاشرة مساء. أتعهد شخصيا بالوقوف إلى جانبها ضد أى تمييز من أى نوع. ستجدين القضاء المصرى إلى جانبك، لكنّ القضاء لا يساعد أحدا لا يساعد نفسه، وهذا أضعف الإيمان.

أن يكون عيدي في غزة

الوقت ..ليلة عيدلست أدري هل هو نوع من التوحد الذي يصيب المهمومين على اختلاف أماكنهم وأوطانهم .. تراهم وقد حرموا نعمة الفرح بالعيد؟؟
لست أدري
أم أنه تكرار لمألوف . ألفته النفس واعتاده القلب من سكون السعادة وضمورها؟؟
لست أدري
لكن .. أنا متيقن من أنه الهمتتقاطع همومنا أحيانا .. تختلف أحيانا أخرىهمي .. وهمهم
إذا .. ما ضرني لو حسبت نفسي من أهل غزة هذه الليلة .. ليلة واحدة فقطأنا وغزة .. كلانا مهمومأنا وغزة .. كلانا قد فقد معنى ( الجديد ) في العيد
وكما حملت ذاكرة غزة الكثير من الآلام في تاريخ أعيادها الماضي
كذلك تحمل ذاكرتي الكثير من الآلام في تاريخ أعيادي الماضي
وكما انقطع رجاء غزة بأهل الأرض وسبلهاا
نقطع رجائي بأهل الأرض وسبلها
وكما ضاقت على غزة الأرض بما رحبت
ضاقت عليا الأرض بما رحبت
تقطعت بهم الأسباب .. وتقطعت بي الأسباب
لذا .. ايها القارئ .. أنا غزاوي لهذه الليلة
ترى .. هل تستمر غزاويتي أياما مقبلة ؟؟؟

2008-08-15

باقي من إجازتك أيام

محمد
الابتلاء هي سنة العاملين لدين الله في أرضه
محمد
سجنك خلوة ونفيك سياحة
محمد
لا يزال الطريق طويل ، وظننا أنا ما دفعنا إلا القليل ، إجازتك الحقيقة في المعتقل
فلتسبح بعقلك ، ولتطلق عنان التفكير ، لتراجع وتحاسب وتقيم وتخطط
اكتب ، اذكر ، تفكر ، تأمل
محمد
استثمارك .. هي دقائقك المعدودة في المعتقل ، تخرج بعدها إلى الدنيا ، لتنفق ما ادخرت ، ولترى الدنيا بعين قضت بعض لياليها بين سرمديات الآخرة ، أنت تصنع الآن على عين الله
محمد
نعلم أن كمال البنيان على مقدار الجهد .. والجهد مبذول شئنا أم أبينا .. لكن الفكرة هي في الاصطفاء ، أن تبذل
أنت الجهد ، وتجني الثواب ، ولا تنتظر النتيجة ، ولكن تكسب رضى الله ورضا نفسك

محمد
عمرك الحقيقي هو في الزنزانة .. هي فترة المحاسبة والمراجعة والتقييم وعقد النية والأخذ بالعزيمة ..
محمد
راحة البدن مع خلوة العقل وصفاءه .. هي رجاء الكثيرين من العاملين، تحصلت على النعمة ، لينظر الله ماذا أنت فاعل؟

محمد
باقي من عمرك أيام .. وإذا أردت .. جعلتها أنت أعوام