2007-09-01

نظام الهاكونا ماتاتا


انظر إلى السوق السينمائية في العالم العربي وانظر إلى مثيلتها في العالم الغربي
وقارن هنا بين فكر " الجزارين " وبين هناك فكر الصناعة متكاملة الأركان ، معروفة الأساليب ، لكنها متطورة في الفكر بارعة ..في التنفيذ


سينما سينما ؟؟


شهدت بدايات القرن العشرين موجة الحمى السينمائية ، لم تكن حمى لأولئك الأشخاص الذين ينتمون إلى الطبقات الاجتماعية العليا أو الوسطى ، بل لأولئك المهمشين على جانب الحياة الأمريكية الجديدة ، خاصة مع تصاعد وتيرة الهجرة من الايرلنديين واليهود ، ورغبة أصحاب الصناعات القذرة " دعارة – مخدرات – نشاطات عصابات المافيا " في نقل نشاطاتهم وارتباطاتهم إلى ارض الحلم الجميل "أمريكا " ... وفي ظل هذا الواقع غزا عالم السينما أعداد هائلة من الأجانب واليهود وأصبحت هذه المهنة هي " المحتقرة المرغوبة" خاصة في ظل ازدهار الإيرادات بسبب انبهار العالم بهذا النوع الجديد من الفن

إلا أن السينما بدأت تأخذ منحنى جديد في ذهن وخيال العالم بعد الحرب العالمية الثانية بعدما أثبتت قدرتها المذهلة على التأثير في مسارات الأشياء وقدرتها على غزو العقول والأرواح ، حيث استطاع فريق الحلفاء أن يوظف الصورة والصوت بشكل ممتاز لخدمة قضيته وحشد التأييد لها ، ولعل من الملاحظ ... أن الحرب العالمية الثانية مازالت حتى الآن من اكبر مصادر الإلهام لمخيلة صناع السينما في العالم كله

عادل إمام وآل جونسون وشارلي شابلن



صاحب المطبات تحدث عن عادل إمام باعتباره رمزا للتأثير في جمع الشعب المصري ، في الجانب الآخر ُينظر لآل جونسون وشارلي شابلن باعتبارهم من قمم التجسيد للحلم الأمريكي ، فالأول هو صاحب أول فيلم ناطق "مغني الجاز" 1927 والثاني هو رائد الفكاهة العالمية الصامتة

كذا الحال اليوم بالنسبة لـشخصيات ورموز السينما في العالم الغربي ، يكفي مثلا أن تبحث عن شخصيات من عينة" ستيفن سبيلبرج ، نيكولاس كيج ، التون جونز او حتى جيمس بوند بكل وجوهه وشخصياته - كاثرين زيتا جونز " .... تجد الإجابة عن مقدار التأثير المحدث ليس فقط في العقلية الشبابية الأمريكية – فهؤلاء لهم رموزهم الآخرين – ولكن في عقول ومخيلات ربات البيوت وبائعي محلات البقالة



كيف ولماذا ؟


بعد القرآن قراءة وتلاوة - إن كان الشعر والقصة هما قمة تجسيد الصورة الجمالية للكلمة ، وان كانت الموسيقى هي تجسيد لأجمل ما يمكن أن تسمعه الأذن ، وان كانت الصورة هي أفضل ما يوصل المعنى والفكرة ، هنا إذن تربح السينما باقتدار ، فهي تجمع معظم أنواع الفنون " صورة متحركة ومتكلمة – موسيقى تصويرية متناغمة مع الصورة – نص كتابي مؤثر - أداء تمثيلي جيد " وتصيغها في شكل عمل فني يحمل بذرة فكرة ... أي فكرة يريد القائم على الفيلم إيصالها


عن الهاكونا ماتاتا والبروتين


في أسبوع – شاهدت فيلم الأسد الملك للمرة الـ 5786 وفي نفس الأسبوع – شوفت ازاي – شاهدت أيضا حلقة وثائقية عن السينما المصرية بمناسبة مرور 100 عام على انطلاقها ، وبالنظر والتأمل والتفكير – أو من عير تفكير خالص – نجد أننا أمام نموذجين لصناعة السينما ، الأول فلنصطلح على تسميته بنموذج " فكر الجزارين أو البروتين " عندنا في مصر والأخر بعنوان " الهاكونا ما تاتا " عندهم هم في الغرب.

انظر إلى منتجات كلا النموذجين : " فكر الجزارين " و " الهاكونا ماتاتا " – للعلم كلمة الهاكونا ماتاتا ليست افتكاسة ولكنها مكتوبة فقط بإحدى لغات القبائل الإفريقية - تجد أن الفائدة القيمية والفكرية الناتجة عن كلا النموذجين فيهما من التباعد الكبير ... واعتقد انه طالما أن الغرب ينتج أفلاما بنوعية الأسد الملك – سيد الخواتم – عصابات نيويورك - العلامات – وحتى فيلم 300 – مع اني بكرهه – وطالما نحن ننتج أفلام من نوعية " أحلام الفتى الطائش – إيه اللي طيشه؟؟ و كركر !! وبتاع ... نجد انه " لسه قدامنا كتيييييير"

أفلام تحمل قيمة فكرية أو طابع أيدلوجي تتصدر قائمة شباك التذاكر ، تحرك الفكر والوجدان هي ما نفتقده في ظل ثقافة الجزارين في العالم العربي
فقط .. ما نحتاجه أن تغزو بعض من ثقافة الهاكونا ماتاتا عقول أفكار أصحاب المال والمنتجين في عالمنا العربي
ثقافة الهاكونا ماتاتا هي ثقافة إنتاج ووعي وفكر وتخطيط
ثقافة الهاكونا ماتاتا هي ثقافة حلم وأمة وأجيال
ثقافة الهاكونا ماتاتا هي ثقافة رجال ونساء وأطفال وشيوخ تشكلت عقولهم بناء على مفاهيم مثل " دائرة الحياة ، صخرة العزة ، عودة الملك ، ارض الآباء المقدسة ، نحن واحد " وهذا غيض من فيض امتلأ به فيلمي المفضل
الأسد الملك أو فيلم " الهاكونا ماتاتا " على رأي فضيلة أخي لما كان عنده 3 سنين



هذا فيلمي .. فليرني أحدكم فيلمه


بعض من الإشكال في عالمنا العربي إن البعض لا يزال حتى الآن ينظر إلى السينما على أنها " محظور " أو " عيب " أو " ليست لنا معشر الملتزمين " ... تقريبا نظرة مشابهة لعقلاء ومفكري المجتمع الأمريكي في النصف الثاني من القرن 19 عندما ظنوا أن مهنة صناعة السينما هي للدهماء وأصحاب الطبقات الدنيا فقط ، الأمر الذي سمح لليهود باقتحام هذا المجال وتجنيده وفق أجندتهم




يا ترى هل ممكن؟


كنت مرة مع " واحد عايز يبقى مخرج كبير " ، تذاكرنا قصة المنصور بن أبي عامر وكيف انه أوصى بأن يدفن معه في قبره التراب الذي كان يعلق بثيابه أثناء جهاده في سبيل الله
وقتها نظر إلي هذا الشخص وقال : ياااه ... هل يا ترى هيجي علينا زمن الواحد فينا يوصي بدفن أفلامه اللي قام بإنتاجها معه في القبر ؟؟
وأنا أيضا أشاركه السؤال : هل سيأتي زمن تبلغ فيه صناعة السينما مبلغا من الرقي ، وتصبح موجها لعقول وشباب الأمة لبناء غد أفضل تصبح عامل هدم في بناء صرح الحضارة وطرفا فعال في عملية استخلاف الإنسان في أرض الله
أنا أتمنى ذلك
فقط .. نريد أن نتذكر قوله صلى الله عليه وسلم لشاعره – حسان بن ثابت - حينما أراد أن يهجو الكفار .. قال له : اهجهم وروح القدس معك

حاجة أخيرة ... أغنيتين من فيلمي المفضل ... يا ربت اللي يسمعهم يتحسر على حالنا